-(كل بيمينك يابني)..
أوقف الطفل الصغير لقمة الطعام قبل أن تصل لفمه المفتوح
عن آخره، مستمعا لأمر أبيه المعتاد،رامقا إياه بنظرات استغربها
الحاضرون.. ثم في فمه، وبنفس اليد ،يلقي باللقمة ليبدأ في مضغها بهدوء،
فتزداد نظرات من حوله دهشة، واستنكارا، قبل أن يتوقف فجأة عن المضغ،
ويسرح بنظره مفكرا،واجما..
وفي لحظات يرفع سبابته نحو وجه أبيه المذهول ويسأله في عفوية:
- أبي.. إذا ماسر قلب الإنسان وقد استقر شمالا؟!!!
ودون أن ينتظر جوابا ممن لم يستطيعوه، مد هذه المرة بالأصابع الثلاث، من
يده اليمنى نحو إناء الطعام ليبدأ فصلا آخر ..
وفي ركن منزو من الغرفة، كان هناك عجوز تراقب مايحدث في صمت، حتى
انتهى الأمر بالجميع وكأن على رؤوسهم الطير، فابتسمت كاشفة عن
أسنان كأسنان طفل سقط معظمها، وتمتمت كصغير يتعلم الكلام:
- لاتتعجوا !! إن هو إلا كلام أطفال..
وكأن الكل كان ينتظرها لتحررهم من الوجوم الذي يخيم على المكان،
إذ سرعان ماراح بعضهم يهمهم بالقول:
نعم .. نعم .. إن هو إلا كلام أطفال..